فضيحة الكتب المدرسية:33خطا كشفها احمد الباهي

تونس -أونيفار نيوز-حول فضيحة تسرب حوالي 33 خطأ في كتاب التاريخ للسنة الثانية ثانوي اعتبر الاستاذ نسيم السعداوي المختص في مجال منظومة الجودة الصناعية ان النقد الذي قدّمه الدكتور أحمد الباهي، وعديد المراجعات الأكاديمية والتربوية الأخرى اظهر أنّ الأخطاء الواردة في الكتب المدرسية ليست مجرد هفوات فردية، بل تعبّر عن خلل نظامي عميق في آليات إنتاج المحتوى التعليمي.

فقد سُجِّل في كتاب واحد 33 خطأ في أربعة دروس فقط، وهو رقم لا يمكن تفسيره بالصدفة أو بقلة الكفاءة الفردية، بل بغياب منظومة متكاملة تضمن الدقة العلمية والجودة البيداغوجية والتقنية.

فإنتاج كتاب مدرسي موثوق يفترض تعاونًا إلزاميًا بين ثلاثة عناصر:

• الخبير الأكاديمي لضمان الصرامة العلمية ودقة المعطيات التاريخية.

• المتخصص التربوي لتكييف المحتوى مع المستوى العمري والمعرفي للتلاميذ.

• المصمم الفني لتأمين جودة الخرائط والرسوم البيانية والعرض البصري.

في المقابل ما يكشفه الواقع أنّ هذه الأطراف تعمل حاليًا بمعزل عن بعضها، مما ينتج عنه فجوة معرفية وتربوية وتقنية واضحة.

ما هو مؤكد في تقديره ان تسرب هذه الأخطاء ليس مرده جهلاً من القائمين على التأليف والمراجعة بل سببه غياب آليات التنسيق والمراجعة المستقلة مما يسمح بتسرّب الأخطاء بشكل متكرر.

فاصلاح منظومة إنتاج الكتب المدرسية ليس ترفًا، بل استثمار استراتيجي في مستقبل الأجيال مما يفرض بالضرورة إطار عمل ما يعرف بالجودة الشاملة (TCQF – Total Quality Content Framework) الذي يحوّل الكتاب المدرسي من منتج هشّ مليء بالثغرات إلى جسر موثوق للمعرفة (Reliable Knowledge Bridge)، قادر على بناء وعي نقدي وتاريخي سليم لدى التلاميذ.

فالكتاب المدرسي لم يعد مجرد وعاء لنقل المعارف، بل هو منتوج كامل يشبه في جوهره أي منتوج صناعي أو تقني آخر. فكما تُقاس جودة السيارة أو الهاتف أو الدواء بمدى خضوعها لعمليات تصميم وإنتاج دقيقة، كذلك يُقاس الكتاب المدرسي بمدى وعي القائمين عليه بكونه ثمرة عملية مركّبة تحتاج إلى هندسة، تخطيط، وتجريب، لا إلى اجتهاد فردي عابر.

إنّ مجالات الصناعة الحديثة قد رسّخت منذ عقود ما يُعرف بـ كلاسيكيات الجودة: من مراقبة المواد الأولية، إلى ضبط مراحل الإنتاج، إلى التثبت النهائي من صلاحية المنتوج قبل وصوله إلى المستهلك التي صارت اليوم بديهيات في كل المصانع، لا تحتاج إلا إلى طرق أبواب المختصين لحقنها في مجالات الإنتاج الأخرى، وعلى رأسها الإنتاج الفكري والثقافي والتربوي.

فالكتاب المدرسي ليس استثناءًا؛ إنه يحتاج، مثل أي منتوج آخر، إلى تصميم مدروس، وإنتاج مضبوط، وآليات مراجعة وتدقيق صارمة تضمن أن يصل إلى التلميذ في أبهى صورة معرفيةوبيداغوجية وتقنية. وعندما يغيب هذا الوعي، يصبح الكتاب المدرسي هشًّا، مليئًا بالثغرات، ويخسر وظيفته الأساسية كجسر موثوق للمعرفة.

زر الذهاب إلى الأعلى